mercredi 24 janvier 2018

ملوك مدينة وهران 3

ملوك مدينة وهران 


ملوك مدينة وهران
الدولة الثالثة المرابطون

ثم ملك وهران الدولة الثالثة وهم المرابطون :
ويقال لهم الملثمون وهم لمتونة فرقة من صنهاجة تلقّبوا بذلك لكونهم انقطعوا في جزيرة ببحر النيل وربطوا أنفسهم فيها للطاعة مع شيخهم عبد الله ابن ياسين إلى أن كثر عددهم فقاموا للملك إلى أن كان منهم ما كان. ومن ثمّ صار هذا لقب لكل ناسك مبرور ملازم للطاعة لا يدخل في شؤون المخزن سيّما بالمغرب الأوسط. وسمّوا بالملثمين إمّا لكونهم لا يتركون اللثام حتى أنه لا يعرف أحدهم إلا إذا كان ملثما وإلّا فلا ، وإما لكون رجالهم غابت عن حيّهم وبقي به النساء فجاءتهم العرب لأخذهم فلبس النساء لباس الرجال وتلثمن لئلا يعرفن وركبن النجائب وقاتلن العدو إلى أن دافعن عن الحي ففعل ذلك الرجال وبقيت فيهم سنّة للآن في بلادهم وهم الذين يقال لهم التوارق بقرب السّودان.
وأول من ملك منهم وهران المجاهد يوسف بن تاسفين اللمتوني وذلك أنه استقر بالمغرب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة (1) خليفة «لابن عمه أبي بكر ابن عمر اللمتوني لما اختار الرجوع للصحراء وصار يدوّخ فيه ولما صعب عليه حرب المصامدة ذهب لمراكش وهي مفاوز ومعناها بلغتهم «إمش مسرعا».
__________________
(1) الموافق 1061 ـ 1062 م.
فمر معناه : إمش ، وكش ، معناه : مسرعا. وبنى قصبة صغيرة ومسجدا وأدار بذلك سورا وذلك سنة أربع أو خمس وخمسين وأربعمائة (1) واتخذ الأجناد والقواد والبنود والطبول وسائر آلة الملك تلك السّنة وتوجه بذلك لفاس فدخله عنوة وخرّبه وهدم أسواره وظفر بعامله بكّار بن إبراهيم فقتله وارتحل إلى صفرو فدخله من يومه عنوة وقتل عماله أولاد المسعود والمغراوي ورجع لفاس لكونه لما فتحه أولا وجعل عليه عاملا لمتونيا قام عليه به تميم بن معنصر المغراوي فدخله وقتل عامله ولما سمع بقدوم يوسف هرب من فاس ودخله يوسف ثانيا وهو الفتح الثاني في يوم الخميس ثاني جمادى الثانية سنة اثنين وستين وأربعمائة (2) فأسرف في قتل مغراوة إلى أن قتل منهم بالجامعين الأعظمين ما يزيد على ثلاثة آلاف ، وهدم الأسوار التي فصل بها ابنا زيري بن عطية وهما : الفتوح ، وعجيسة ، بين العدوتين وصيرهما مدينة واحدة حمل أهلها على تكثير المساجد وأقام بها إلى صفر سنة ثلاث وستين وأربعمائة (3) فخرج لقصور بني وطاط بملوية ففتحها ووجه إلى أمراء المغرب وأشياخه بالقدوم ليتفقد أحوالهم وأحوال رعيته وغزى مدينة رهونة من طنجة سنة خمس وستين وأربعمائة (4) فدخلها عنوة وفتح جبل علودان ، وفتح غياثة وبني مكود ، وزهينة ، سنة سبع وستين وأربعمائة (5) وفتح طنجة في سبعين وأربعمائة (6). ثم بعث قائده مزدلي لتلمسان في عشرين ألفا ففتحها سنة اثنين وسبعين وأربعمائة (7) وقتل ابن أميرها معلا بن يعلى المغراوي وكتب اسمه على السكة في جهة وفي الأخرى كتب : « وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ » سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة (8)
__________________
(1) بدأ فعلا سنة 454 ه‍ الموافق لعام 1062 م.
(2) الموافق 18 مارس 1070 م.
(3) الموافق نوفمبر ـ ديسمبر 1070 م.
(4) الموافق 1072 ـ 1073 م.
(5) الموافق 1074 ـ 1075 م.
(6) الموافق 1077 ـ 1078 م.
(7) الموافق 1079 ـ 1080 م.
(8) الموافق 1086 ـ 1087 م.
وفيها غزا وجدة وبني يزناسن وتلمسان فلقيه بها ملكها العباس بن بختي المغراوي بجيشه من بني يفرن ومغراوة فقتله وأكثر جنده وفتحها عنوة واستعمل عليها محمدا بن تعمر المسوفي (1) وبنى بها تلمسان الجديدة بمحل محلّته وهي المسكونة الآن.
ثم تخط منها لوهران تلك السنة ففتحها عنوة ونفى عنها ملوكها بني الخزر المغراويين وصيرها من جملة رعيته وقطع دعوة مغراوة وبني يفرن من المغرب كله. وفي إخراجه لمغراوة من فاس ، ووهران
قال الحافظ أبو راس في سينيته ما نصّه :
ثم أزالهم يوسف أيضا فعي
كما أزالهم قبل عن أرض فاس
ثم زاد إلى مازونة وتنس ووانسريس وشلف وزاد متماديا بجيوشه إلى الجزائر فطوعها وأطاعه أهلها بنو مزغّنة وكان دخوله لها في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وأربعمائة (2) وصيرها حدّا بينه وبين ملوك البلكانية من صنهاجة للقرابة التي بينهم. فملك رحمه الله من الجزائر إلى السودان إلى البحر المحيط إلى جبل الذهب بهذه العدوة وكلها بسط فيها العدل وأبطل منها المكس والمغارم. ثم تخط إلى عدوة الأندلس سنة تسع وسبعين وأربعمائة (3) فهزم الكفرة وأوقع بهم في قضية الزلاقة المشهورة الموقع العظيم حتى أنه جمع فيها الرؤوس إلى أن صارت تلا يعني ربوة وأذن عليها المؤذن ثم فرّقها على المدن فأعطى لكل مدينة ألوفا عديدة ، وازينت لتلك الواقعة بغداد ، والحرمان الشريفان ، ومصر ، والعراق ، والشام ، وغيرهم من مدن المشرق وشاع خبرها إلى مدينة سرة قاعدة مدن الهند وبعث له الناصر العباسي على ذلك خلعا كثيرة يقصر عنها الوصف ، وجدد له العهد وقطع رحمه الله ثوار الأندلس مثل ابن عبّاد وغيره.
__________________
(1) الزبيدي أن مَسُّوف، كتَنُّور، وهي بلاد من بادِيَة التَّكْرُور. والتكرور كانت تطلق على بلاد السودان الغربي عمومًا، وكانت مسوفة متنقلة في الصحراء قريبًا من تكرور، وتنبكت - وهي بمالي حاليًا - وغيرها من بلاد السودان الغربي. وقد خرج من قبيلة مسوفة سلالة بنو غانية الذين كانوا من كبار قادة المرابطين.
(2) لموافق 1080 ـ 1081 م.
(3) لموافق 10 جويلية ـ 28 أوت 1082 م.
وملك بعدوة الأندلس من أفراغة قاصية أرض الفرنج إلى إشبونة حدها من المغرب عند البحر المحيط وذلك مسيرة شهر وثلاثة أيام طولا ، والعرض نحو العشرين يوما وبسط فيها أيضا العدل وأبطل المكس وبايعه بها ثلاثة عشر ملكا وخطب له على ألف منبر وتسعمائة منبر وساست ملكه زوجه زينب وماتت سنة أربع وستين وأربعمائة (1) وكان رحمه الله زاهدا يلبس الصوف ويأكل خبز الشعير بلبن الإبل ولحومها ، وغالب أكل جنده الجيّد كالدرمك والفالوج ونحوهما ، وجدد السكة من واقعة الزلاقة فنقش في ديناره في جهة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وتحته أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين ، وفي الدائرة : ومن يبتغ غير الإسلام دينا إلى الخاسرين. وفي الصفحة الأخرى الأمير عبد الله أمير المؤمنين العباسي وفي الدائرة تاريخ الضرب وموضع السكة. ولد رحمه الله سنة أربعمائة وتوفي سنة خمسمائة (2) عن مائة سنة بعد ما ملك أربعين سنة ودفن بمراكش وقبره بها من أعظم المزارات وعليه مشهد عظيم.
ثم ملك وهران بعده ابنه علي ، تولى بموضع أبيه قيل سنة خمسمائة وقيل سنة واحد وخمسمائة (3) وهو ابن ثلاث وعشرين سنة ، فملك جميع الغرب من بجاية لسوس الأقصا وللقبلة من سجلماسة لجبل الذهب في السودان والأندلس شرقا وغربا وخطب له على ألفين وثلاثمائة منبر وكان محبّا لأبي الوليد بن رشد فولاه القضاء بقرطبة سنة تسع وخمسمائة (4) وعزله منها سنة ثلاثة عشر وخمسمائة (5) وجعل بدله أبا القاسم ابن حميدين فشرع ابن رشد في شرح العتيبة وسماه بالتحصيل والبيان. وفي أعوام العشرة الثانية أمر بحرق كتاب الإحياء للغزالي لما فيه من التشديد بإغراء أبي القاسم ابن حمدين وموافقة ابن رشد والقاضي عياض. وفي أيامه ظهر أمر الشريف المهدي بن تومرت القائم بدولة
__________________
(1) الموافق 1071 ـ 1072 م.
(2) الموافق 1109 ـ 1107 م.
(3) تولى علي بن يوسف الملك عام 500 ه‍ الموافق 1106 م
(4) الموافق 1115 ـ 1116 م.
(5) 1119 ـ 1120 م.
الموحدين وذلك سنة خمسة عشر وخمسمائة (1) فقال له قاضي المرية بمراكش اجعل على رجليه كبلا ، قبل أن يسمعك طبلا ، فأبى إلى أن كان ما كان وبسببه دخل الدولة المرابطية الهرم وكثر فيها الإرجاف وكمل بناء مدينة مراكش بإشارة ابن رشد عليه سنة اثنين وعشرين وخمسمائة (2) فأنفق على سورها سبعين ألف دينار وعلى جامعها الأعظم والمنارة ستين ألفا دينار أخرى. وأخذ البيعة لولده تاشفين سنة سبع وسبعين وأربعمائة (3) وتوفي بمراكش سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. وهو ابن سبع وخمسين سنة بعد ما ملك سبعا وثلاثين سنة. وكان فقيها عالما فاضلا خير مالك ودولته عز للإسلام وسيرته حسنة وأحواله مستحسنة. وفي وقته بنا وزيره عبد الرحمن المعافري الحمام بجوف الجامع الأعظم من غرناطة وفرّش صحن جامع قرطبة وأصلح بناء مدينة طرطوشة.
ثم تولى ابنه تاشفين بموضعه في ثامن رجب سنة سبع وثلاثين وخمسمائة (4) في معظم فتنة الموحدين بمعاهدة أبيه إليه في حياته فأطاعته العدوتان كأبيه وجده واتصلت حروبه مع عبد المؤمن بن علي من أول أمره وصار يتبع عبد المؤمن بن علي حيث مرّ إلى أن توجه لتلمسان فأتبعه لها ودخلها تاشفين سنة تسع وثلاثين وخمسمائة (5) ونزل عبد المؤمن بن علي بين الصخرتين بظاهرها مما يلي الجبل ونزل تاشفين الوطا مما يلي الصفصيف وزحف المرابطون للموحدين فنهاهم تاشفين فأبوا وتعلقوا بالجبل فانحدر لهم الموحدون وهزموهم شنيعا وفرّ تاشفين لوهران في مواعدة صاحبه ابن ميمون في أسطوله بالبحر ونزل بظاهرها وترك تلمسان تحت عامله محمد بن الشيّور فترك عبد المؤمن لمحاصرة تلمسان وزيره يحيى بن تومرت ولحق بوهران في طلب تاشفين فنزل عليه وحاصره بها إلى أن مات. واختلف في وجه الموت على أربعة أقوال ومعناها واحد. فقال أبو محمد صالح في الأنيس المطرب بروض
__________________
(1) الموافق 1121 ـ 1122 م.
(2) الموافق 1128 م.
(3) الموافق 1084 ـ 1085 م.
(4) الموافق 26 جانفي 1143 م.
(5) الموافق 114 ـ 1145 م.
القرطاس : خرج تاشفين ليلا ليضرب في محلة العدو فتكاثرت عليه الخيل والرجال وكانت ليلة مظلمة ممطرة وهي ليلة تسع وعشرين من رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة (1) ففرّ أمامهم وكان بجبل عال منيف على البحر فظن أن الأرض متصلة فأهوى بفرسه من شاهق بإزاء رباطة وهران فمات.
وقال الحافظ أبو راس في عجائب الأخبار وسائر كتبه المؤلفة في التاريخ : إنه لما طال عليه الحصار بوهران وعلم أنه لا طاقة له ودّع خواصه وخرج ليلة عيد الفطر سنة تسع وثلاثين وخمسمائة إلى جبل هيدور وهو جبل وهران على فرس عتيق وحملها على شاهق فتردى به في بعض الأخاديد فمات ومن الغد وجد.
وقوله رضي الله عنه في عجائب الأسفار أن ذلك سنة إحدى وأربعين وخمسمائة سبق قلم.
وقال أبو الفدا صاحب حماة في المختصر ، فلما كان ليلة تسع وعشرين من رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة وهي ليلة يعظمها المغاربة سار تاشفين في جملة يسيرة مختفيا ليزور مكانا على البحر فيه متعبدون وصالحون بقصد التبرك فبلغ الخبر مقدم جيش عبد المؤمن واسمه عمر بن يحيى الهنتاني فساروا وأحاط به فركب تاشفين فرسه وحمل ليهرب فسقط من جرف عال فمات. وقال أبو إسحاق الشاطبي في الجمان إن تاشفين لما هرب من تلمسان اتبعوه إلى أن نزل بمرسى وهران فحاصروه بها ودخلوا عليه فألجؤوه إلى جرف عال فرمى بنفسه وهو راكب على فرسه من أعلى الجرف فاندق عنقه وعنق فرسه في تلك السنة. انتهى
قال شيخنا الزياني في دليل الحيران وأنيس السهران ، والموضع الذي مات فيه يعرف إلى الآن بمكبّ الفرس قرب حمام سيدي دادّ أيوب ما بين وهران والمرسى ثم أنه لما وجد من الغد ميتا بأزاء البحر أخذ وصلب على جذع واجتزّ رأسه وحمل لتنمليل فعلق بها على شجرة صفصاف عالية ولما صلب بوهران استأصل القتل أصحابه وتفرقوا فهرب بعضهم للنهر المنحدر من رأس العين وهو نهر وهران وكان مشعرا وبه غيظ ملتف بعضه ببعض فأضرم الموحدون
__________________
(1) الموافق 25 مارس 1145 م.
النار في الوادي فمن بقي احترق ومن خرج قتل وسار عبد المؤمن لوهران فتمكن منها بالسيف وقتل بها ما لا يحصى.
قائمة ملوك صنهاجة
واعلم أن ملوك صنهاجة على ثلاثة فرق :
الفرقة الأولى البلكانية : وهم ملوك إفريقية وبجاية والمغرب الأوسط والأندلس أيام الطوائف وجملتهم خمسة وعشرون :
فبإفريقية عشرة : أولهم مناد الصنهاجي مقيم الدولة الفاسية ، ثم ابنه زيري مختط مدينة أشير بسفح جبل تيطرى أواسط القرن الرابع (1) ، ثم ابنه يوسف بلكين مختط مدينة الجزائر ومليانة والمدية أواسط القرن الرابع أيضا بأمر أبيه المذكور وكانت له أربعمائة حاضنة في قصره حتى إنه بشر في يوم واحد بولادة سبعة عشر غلاما وهذا لم يسمع مثله. ثم ابنه منصور ، ثم ابنه باديس ، ومات بدعاء الشيخ محرز ابن خلف عليه. ثم ابنه المعز الذي بلغ في خسارة عرسه ستة عشر ألف ألف دينار وتراتيب بيته من العود الهندي بمسامير الذهب وأنه عمل لجدّته لما ماتت تابوتا من العود الهندي مرصعا بالجواهر وصفائح الذهب وعلّق عليه عشرين سبحة من نفيس الجوهر وذبح عليها مائة بقرة وألف شاة ونحر خمسين ناقة وفرق على النساء عشرين ألف دينار. ثم ابنه تميم الذي قال فيه أبو علي رشيق :
أصح وأعلا ما سمعناه في الندا
من الخبر المأثور منذ قديم
أحاديث ترويها الشيول عن الحبا
من البحر في كفّ الأمير تميم
ثم ابنه يحيى ، ثم ابنه علي ، ثم ابنه الحسن وهو آخرهم بإفريقية وبه تمت دولتهم بها فهؤلاء عشرة.
وببجاية عشرة : أولهم : حماد بن بلكين بن زيري بن مناد مختط مدينة قلعة بني حمّاد بجبل عجيسة بإزاء بجاية الذي يقال له جبل المعاضيد في آخر القرن الرابع ثم الناصر بن علناس بن حماد ، ثم ابنه المعز ، ثم ابنه القايد ، ثم ابنه محسن ، ثم بلكين بن محمد بن حماد ، ثم ابنه المنصور ، ثم ابنه باديس ، ثم أخوه العزيز بن منصور ، ثم ابنه يحيى. وبه تمت دولتهم ببجاية فهؤلاء العشرة مع العشرة الأولى تلك عشرون.
__________________
(1) الموافق منتصف القرن العاشر الميلادي.
وبالمغرب الأوسط واحد : وهو أبو البهار فذلك إحدى وعشرون.
وبالأندلس أربعة : أولهم صاحب غرناطة زاوي بن بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي كما في الجمع والبيان في تاريخ القيروان. ثم ابن أخيه حابوس ابن ماكس بن بلكين ، ثم ابنه باديس صاحب اللعب الذي يقال له السلام عليك يا باديس ، ثم ابن أخيه عبد الله بن بلكين بن حابوس وهو الذي أخذه مع أخيه تميم ، يوسف بن تاشفين وعبر بهما البحر لمراكش فهؤلاء خمسة وعشرون.
الفرقة الثانية : المرابطون ويقال لهم الملثمون ، وهم لمتونة ملوك المغرب الأقصى والأوسط وعدوة الأندلس وجملتهم في الإسلام اثنا عشر ملكا. أربعة قبل تسميتهم بالمرابطين ، وثمانية بعد تسميتهم بها ، إلّا أن المراد بالمرابطين هم الخمسة التاشفنيون : يوسف بن تاشفين ومن بعده لا غير. أول الاثنا عشر : تيلوتان بن تيكلان اللمتوني كان في أيام عبد الرحمن الداخل ملك الصحراء بأسرها وأطاعه بها من ملوك السودان عشرون ملكا كلها تؤدي له الجزية وكان يركب في مائة ألف نجيب وعمله مسيرة ثلاثة أشهر في مثلها لكنه لم يملك الغرب وعاش نحو الثمانين سنة. ثم حفيده الأثير بن فطين بن تيلوتان ، ثم ابنه تميم ومات قتيلا سنة ست من الرابع (1) وبقي بعده صنهاجة همّلا من الأمير نحو المائة وعشرين سنة وإنما أمرهم جمهوريا شوريا بينهم. ثم أبو عبد الله تارشنا ابن تفاوت اللمتوني ، ثم يحيى بن إبراهيم القدالي وهو الذي حجّ وأخذ عن الشيخ أبي عمران الفاسي بالقيروان وسأل منه أن يصحبه من تلامذته من يعلمه وقومه الديانة فأمرهم فأبوا فكتب له لتلميذه محمد بن واقاق اللمطي بنفوسه ليبعث معه من يقوم بهم في دينهم فبعث معه الشيخ عبد الله بن ياسين الجزولي سنة ثلاثين من الرابع (2) وانقطع بهم بجزيرة ببحر النيل إلى أن كثر عددهم ، وتسمّوا بالمرابطين لملازمتهم لرابطة الشيخ عبد الله بن ياسين ببحر النيل. ثم يحيى بن عمر اللمتوني ، ثم أخوه أبو بكر بن عمر وهو الذي ملك الصحراء وتخطى للمغرب وجعل ابن عمه يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن ترقوت ابن وزنقطن بن منصور بن محالة بن أمية بن وثمار بن تلميت اللمتوني الصنهاجي الحميري خليفة عليه. ثم استقل يوسف بالمغرب. ثم ابنه علي ، ثم ابنه تاشفين ، ثم ابنه إبراهيم ، ثم عمه إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين وهو آخر المرابطين وبه انقطعت دولتهم لما قتله وابن أخيه إبراهيم ، عبد المؤمن ابن علي بمراكش. ولكل بداية نهاية والله يوتي ملكه من يشاء. وقد ألّف الحافظ الصيرافي رحمه الله في المرابطين كتابا أسماه ـ الأنوار الجالية في أخبار الدولة المرابطية.
__________________
(1) الموافق 918 ـ 919 م.
(2) الموافق 941 ـ 942 م.
الفرقة الثالثة الغانية : أولاد المرأة التي يقال لها غانية بنت عمّ يوسف ابن تاشفين وأبوهم مسوفي من صنهاجة يقال له علي بن يحيى المسوفي كان من الشجعان وبالمكانة العظيمة عند يوسف بن تاشفين فلذلك زوّجه من ابنت عمه غانية فأتت معه بولدين وهما : يحيى ، ومحمد ، اللذان ولّاهما علي بن يوسف بالأندلس أحدهما وهو يحيى على غربي الأندلس والآخر وهو محمد على شرقها كميورقة ويابسة وغيرهما. وجملة ملوكهم ما بين الأندلس وبجاية وقابس خمسة. أولهم يحيى المعروف بابن غانية بن علي بن يحيى المسوفي بالجهة الغربية من الأندلس وهو الذي أعان شيخه القاضي بسبتة على عبد المؤمن بن علي. ثم أخوه محمد بن علي بن يحيى على شرقي الأندلس. ثم ابنه عبد الله على ذلك ، ثم أخوه علي بن محمد بن غانية على بجاية ، ثم أخوه يحيى بن محمد بن غانية على قابس وهو الذي دوّخ المغرب الأوسط وإفريقية وخرّب تاهرت فلم تعمر من وقته إلى أن جدد عمارتها الفرنسيس في أعوام الخمسين من القرن الثالث عشر (1) وتقبّض بمنديل المغراوي فصلبه بالجزائر واشتدت وطأته على الموحدين إلى أن توفي بشلف تحت مليانة سنة ثلاث وثلاثين وستمائة (2) بعد ما ملك خمسين عاما فاستراحوا عند ذلك بموته وطاب لهم القرار وصفا حالهم من الأكدار. فجملة ملوك فرق صنهاجة الثلاثة : اثنان وأربعون ملكا. خمسة وعشرون من الأولى. واثنا عشر في الثانية. وخمسة في الثالثة. والملك والدوام لله الواحد القهار لا إله غيره ، ولا خير إلّا خيره.
__________________
(1) الموافق 1834 ـ 1844 م.
(2) الموافق 1235 ـ 1236 م.

Aucun commentaire:

معسكرات إعادة التجميع، أو كيف عملت فرنسا على تفكيك الأرياف الجزائرية

 حرب التحرير الجزائرية معسكرات إعادة التجميع، أو كيف عملت فرنسا على تفكيك الأرياف الجزائرية خلال حرب الاستقلال، قام الجيش الفرنسي بتجميع سكا...