معركة المقطع الشهيرة بيوم المقیتلة
تحقيق الاستاذ بليل حسني وهواري حاج
مقدمة:
يعتبر الجزائريون معركة المقطع من أشهر المعارك التي خاضها الأمير عبد القادر ضد الوجود الفرنسي بالجزائر و عمره لم يتجاوز ال26 سنة انتهج فيها إستراتيجية جديدة في الحرب لم يعهدها المقاتلون الفرنسيون من قبل و يحصي الجزائريون عدد قتلى معركة المقطع بـ 500 قتيل في الجانب الفرنسي.
الإحياء بالذكرى : وسيتم إحياء الذكرى 83 بعد المئة لمعركة المقطع يوم الخميس 28 من جوان 2018بنفس المنطقة الواقعة بحدود مدينة مستغانم المصادفة ليوم المقطع أو يوم الزبوجة حيث دارت معركة بين جيش الأمير عبد القادر و الجيش الفرنسي في 28 جوان 1835 أثناء مرحلة إحتلال فرنسا للجزائر .
وتعتبر معركة المقطع واحدة من المعارك التي حقق فيها الأمير انتصارا عظيما ضد الجنرال تريزال حيث خلال 17 سنة قاد الأمير عبد القادر 116 معركة بجيش يتكون من أكثر من 140 جندي و17 خليفة.
وتعتبر معركة المقطع واحدة من المعارك التي حقق فيها الأمير انتصارا عظيما ضد الجنرال تريزال حيث خلال 17 سنة قاد الأمير عبد القادر 116 معركة بجيش يتكون من أكثر من 140 جندي و17 خليفة.
تاريخ المعركة
أسبابها : في 18 جوان 1835 غادر الجنرال تريزل قائد حامية وهران هذه الأخير مجتازا أراضي الأمير بجيش يقدر ب 5000 عربة لنقل الزاد من 07مدافع قاصدا تخويف القبائل وممارسة الضغط السياسي على الأمير الذي عند بلوغه الخبر قام من معسكره على رأس قوة تتكون من 2000 فارس و 1000 من المشاة ونزل في غابة خفيفة ( حرش مولاي إسماعيل وأخذ يراقب العدو، وكان جيشه النظامي مدرب إضافة إلى عدد من المتطوعين واقتضت خطته تقديم فرقة الخيالة المتكونة من 2000 فارس لتلف الجيش الفرنسي ووضع الأمير لنفسه قيادة مؤخرة جيش المشاة.
قال المزاري في طلوعه :
ثم أنّ الدولة- أي الإحتلال الفرنسي- لمّا أذعن لها المخزن بالطاعة، تیقنت أنها تستولی علی الوطن بغایة الاستطاعة، فشمرت عن ساق الجد لغزو الوطن، و زال ما بها من الضعف و الوهن، و جهز الجنرال تریزیل جیشا محتویا علی نحو الألفی و خمسمائة مقاتل و أربعین كروسة لحمل الآلة فضلا عن قراریط التجارة ذات المحافل، و كان المخزن نازلا من السبخة ناحیة مسرقین إلی البریدیة، فأكثرهم جلس لحراسة وهران و أقلهم جاء مع المحلة (الجيش الفرنسي مع المخزن واللفيف الأجنبي) لنفعها النفعة الكلیة، فالذی جاء من أعیان الدوائر عدة ولد عثمان، و إسماعیل ولد قادی صاحب المیدان، و الصحراوی ولد علی، و الحاج الناصر بالطاوی و العربی ولد یوسف، و قادة ولد شقلال، و عبد القادر البوعلاوی و الحاج محمد ولد قاره، و أبو مدین ولد بلوط فاهم كل إشارة، و من الزمالة الحاج الوزاع بن عبد الهادی، و الحاج مخلوف ولد امعمر الشجاع المعدود، و الحاج الشیخ ولد عدة، و العربی ولد أحمد، و لیتنه قدور بالمولود.
و كان خروج المحلة من وهران فی الیوم الثامن عشر من جوان سنة خمس و ثلاثین و ثمانمائة و ألف، الموافق للحادی و العشرین من صفر سنة إحدی و خمسین و مائتین و ألف، و لما نزلت بتلیلات بعد جولانها خیّمت للمبيت و شرعت فی حفر المتاریس الحائطة بها من كل جهة لتطمئن النفوس فی حال المبيت و فی الحادی و العشرین من جوان رأت المحلة خیالة العدوّ لقصد الحمام، و فی الرابع و العشرین منه سمعت بأن الأمیر خرج من المعسكر بمحلته (أي جيش الأمير) و هو نازل بوادی الحمّام، و فی الخامس و العشرین منه انقطع عن المحلة ماء وادی تلیلات، فذهبت شرذمة لعنصره لإرساله فأحاطت بها توارق المقاتلة من كل الجهات، إلی أن قتل فرس كبیر محلة الجنرال ترزیل و هو القبطان لفندی بغایة التعجیل، و فی صبیحة الیوم المذكور قدم بن یخّو الذی هو قنصل وكیل الأمیر بوهران للمحلة لیتبدل مع عبد اللّه الكماندار، فیذهب كل لمحله من غیر خدیعة و لا إنكار، و فی الیوم السادس و العشرین ارتحلت المحلّة صباحا و مالت فی مشیها نحو أجمة مولای إسماعیل، الغابة الكبیرة التی هی مأوی الأسد و الأشابیل.
أسبابها : في 18 جوان 1835 غادر الجنرال تريزل قائد حامية وهران هذه الأخير مجتازا أراضي الأمير بجيش يقدر ب 5000 عربة لنقل الزاد من 07مدافع قاصدا تخويف القبائل وممارسة الضغط السياسي على الأمير الذي عند بلوغه الخبر قام من معسكره على رأس قوة تتكون من 2000 فارس و 1000 من المشاة ونزل في غابة خفيفة ( حرش مولاي إسماعيل وأخذ يراقب العدو، وكان جيشه النظامي مدرب إضافة إلى عدد من المتطوعين واقتضت خطته تقديم فرقة الخيالة المتكونة من 2000 فارس لتلف الجيش الفرنسي ووضع الأمير لنفسه قيادة مؤخرة جيش المشاة.
قال المزاري في طلوعه :
ثم أنّ الدولة- أي الإحتلال الفرنسي- لمّا أذعن لها المخزن بالطاعة، تیقنت أنها تستولی علی الوطن بغایة الاستطاعة، فشمرت عن ساق الجد لغزو الوطن، و زال ما بها من الضعف و الوهن، و جهز الجنرال تریزیل جیشا محتویا علی نحو الألفی و خمسمائة مقاتل و أربعین كروسة لحمل الآلة فضلا عن قراریط التجارة ذات المحافل، و كان المخزن نازلا من السبخة ناحیة مسرقین إلی البریدیة، فأكثرهم جلس لحراسة وهران و أقلهم جاء مع المحلة (الجيش الفرنسي مع المخزن واللفيف الأجنبي) لنفعها النفعة الكلیة، فالذی جاء من أعیان الدوائر عدة ولد عثمان، و إسماعیل ولد قادی صاحب المیدان، و الصحراوی ولد علی، و الحاج الناصر بالطاوی و العربی ولد یوسف، و قادة ولد شقلال، و عبد القادر البوعلاوی و الحاج محمد ولد قاره، و أبو مدین ولد بلوط فاهم كل إشارة، و من الزمالة الحاج الوزاع بن عبد الهادی، و الحاج مخلوف ولد امعمر الشجاع المعدود، و الحاج الشیخ ولد عدة، و العربی ولد أحمد، و لیتنه قدور بالمولود.
و كان خروج المحلة من وهران فی الیوم الثامن عشر من جوان سنة خمس و ثلاثین و ثمانمائة و ألف، الموافق للحادی و العشرین من صفر سنة إحدی و خمسین و مائتین و ألف، و لما نزلت بتلیلات بعد جولانها خیّمت للمبيت و شرعت فی حفر المتاریس الحائطة بها من كل جهة لتطمئن النفوس فی حال المبيت و فی الحادی و العشرین من جوان رأت المحلة خیالة العدوّ لقصد الحمام، و فی الرابع و العشرین منه سمعت بأن الأمیر خرج من المعسكر بمحلته (أي جيش الأمير) و هو نازل بوادی الحمّام، و فی الخامس و العشرین منه انقطع عن المحلة ماء وادی تلیلات، فذهبت شرذمة لعنصره لإرساله فأحاطت بها توارق المقاتلة من كل الجهات، إلی أن قتل فرس كبیر محلة الجنرال ترزیل و هو القبطان لفندی بغایة التعجیل، و فی صبیحة الیوم المذكور قدم بن یخّو الذی هو قنصل وكیل الأمیر بوهران للمحلة لیتبدل مع عبد اللّه الكماندار، فیذهب كل لمحله من غیر خدیعة و لا إنكار، و فی الیوم السادس و العشرین ارتحلت المحلّة صباحا و مالت فی مشیها نحو أجمة مولای إسماعیل، الغابة الكبیرة التی هی مأوی الأسد و الأشابیل.
مقدمات معركة المقطع فی غابة الزبوج المقیتلة
و لمّا حلّ الأمیر بوادی الحمّام سمع بخروجها فجد السیر( أي أسرع) إلی أن بات بسیڨ، و لا زال لم یظهر له خبرها علی التحقیق، و صار یتحسس خروجها، و یستشعر خیالتها و مروجها.
قال العلامة القدوة الفهامة السید الحاج أحمد بن عبد الرحمان المداحی البوشیخی الصدیقی الذی من بنی شقران، فی كتابه- القول الأوسط في أخبار بعض من حل بالمغرب الأوسط. - و كان حاضرا للواقعة، ذات الأحوال الناصعة، فوجّه جیشا من صنادید القبائل و أبطالهم، و أهل الحزم فی أقوالهم و أفعالهم، أهل الخیول الجیاد، و الرّكاب الوقّاد، و أمّر علیهم وزیره و آغة مخزنه ذا النجدة و الشجاعة، و البسالة و البراعة، و الجزم و الحزم الشهیر، و الفراسة و النصیحة و المعرفة و الرأی و التدبیر، الذی لیس له بوقته الشبیه و لا المساوی، محمد المزاری ولد قدور بن إسماعیل الدایری البحثاوی، لیفتشوا سواحل البحر و أرباض المدینة، هل خرج جیش العدوّ أو لم یخرج من تلك المدینة، و واعدهم بالملاقاة فی الكرمة، و بها یحصل الفوز بالنعمة و الحرمة، و كان هذا الموضع قریبا من وهران، علی نحو الاثنی عشر میلا و غالب مجیء النصاری معه فی السر و الإعلان، فذهبوا من سیڨ عشیة و أخذوا مع طریق الجیرة، و بات هو فی تلك الليلة بالوادی المذكور بالمجیرة، بعساكره و بقیة جیشه الخیالة، ثم ارتحل من الغد بكرة یرید الجرف الأحمر بوادی تلیلات ..، و منه یذهب لملاقاة وزیره المذكور، و كان عنده من العسكر نحو الستمائة و ذلك مبلغ ما كتبه و من المطاوعة(المتطوعون) ما لیس بالمحصور، فبینما هو ذاهب و العدوّ قابل، و لا علم لواحد بالآخر للاستعداد حیث یقاتل، و إذا بالفریقین التقیا غفلة بالزبوج بموضع یقال له المقیتلة، من بلاد الغرابة فبانت به المصائب ذات الحوقلة، و اجتمع البعض بالبعض من أهل البلاد ما بین الراجلة و الفرسان، لا سیما اللیوث منهم و الشجعان و أداروا بالمحلة إدارة السوار بالساعد، أو الخاتم بالخنصر للصادر و الوارد، و أرادوا أخذها و اشتعلت فورا نار الحروب، و ترادفت علی الناس من الجانبین الفتن بالصعوبة و الكروب، و صار من الفریقین السیف بالضرب یلمع، و البندق بباروده یفرقع، و التقت الرجال بالرجال، و الأبطال بالأبطال، و الفرسان بالفرسان، و الشجعان بالشجعان، و اشتبك الناس البعض بالبعض، و أراد كل فریق القضاء لما فاته من النفل و الفرض، و اشتد الزحام و كثر الاشتباك، و غاب الحاجز بینهما و الفكاك، و حین دخلت المحلّة فی المواضیع المشعرة، أقبلت إلیها الفرسان من الفجوج المسهلة و الموعرة، و تشجعت و صالت صولا، و أتكبتها بالضرب الدائم فعلا و قولا، و وقعت من الفرقین العین فی العین، و حان فراق الأرواح بالبین، خشیت من الفرار اللوم بغیر المین، و جدّ عسكر النصاری فی المقاومة بالالتزام و المدافعة عن نفسه و من معه بغایة الاحترام و هو مع ذلك فی التعب الشدید، و العطب الذی ما له من المزید، و كَمَنَ العرب فی الأماكن المغیظة التی تؤذی منها و لا توذا، و لا یجد العدو لها فیها بضربه نفوذا، و أهلك الخلق الكثیر من الفریقین و حصل العطب الشدید من الجانبین، فكم و كم مات منهم بالتصبّر و الثبات، و كم و كم من حصل منهم بعد الهلاك فی النجاة و دام القتال إلی أن قرب ذهاب النهار، و إقبال الليل بما فیه من الاعتكار، و ثبت كل فریق لصاحبه و استقر بمركزه، إلی أن فني الجلّ من الجیشین بمحرزه، و تعاظم القتل و عدمت النجاة ، و اختلط من كثرة القتلی الأموات بالأموات، و كان للخلیفة الأعظم، و الوزیر الأنجم، صاحب الإیالة الشرقیة للتناجی، السید محمد بن أبی شاقور المجاجی، حملات علی العدو میمنة و میسرة و قلبا و جناحین، لا یأتی أحد من غیره بمثلها من غیر مین، و دام علی ذلك إلی أن استشهد بالتحقیق، كما استشهد الفارس الشجاع رایس شواش الأمیر السید مصطفی ولد سعید المعروف بولد حمروش الدنونی ثم النقایبی بالتوفیق.
قال ثم رجع الأمیر و الجیش الفرانسوی فی أثره تابعا له و كل فریق، یرید منهما النزول بوادی سیڨ فجاوزه الأمیر و نزل، و قابله العدو بجیشه و نزل، و صار الوادی بینهما هو الحاجز، و كل شجاع لقرنه مبارز.
ثم قبل النزول أتی الجیش الذی بعثه الأمیر، لما سمع رعد المدافع و فرقعة البارود خلعهم و هم فی غایة التشمیر، فألفی النصاری بقرب وادی سیڨ، الذی كاد أن یغص فیه الإنسان بالریق، و صار القتال بینه و بینهم فی فضا سیرات بقیة النهار، إلی أن غشیهم ظلام الليل بالاشتهار، فكم للمزاری فی ذلك الوقت من الحملات، و كم له من الضرب الكثیر و الجولات، و هو تارة یغیب فی وسط العدو و تارة یظهر، و مدیما علی الكرّ و لا یظهر منه المفر، و العدو بین یدیه كأنّه الزرزور، یقلبه حیث شاء، و لا یخشی من الرصاص و الكور، و ساعده علی ذلك رفیقه فی الجولان قدور بالمخفی، فكم له أیضا من ظهور و تخفّی، و لا زال المزاری علی ذلك إلی أن انجرح به فرسه الأشهب، فأوتي له بفرس آخر و بقی فی میدان الحرب یكافح إلی أن انجرح به فرسه الثانی الأنجب، فبعث له الأمیر فرسه الأدهم المسمی بباش طبلة، فجال علیه فی المیدان، جولان عظیما و تمادی علی الجولة و هو ملازم للكر، و مجانب للفر إلی أن انجرح تحته فرس الأمیر من الظهر، كما انجرح هو أیضا علیه من رجله الیمنی ذات الفخر، فأمر الأمیر فورا بقدومه، و تحیّر منه كثیرا خشیة علی عدومه، لاطلاعه یقینا علی صدقه، و خلاص نیته و قلبه فیه بحدقه، ثم أرسله فورا لبیته بالمعسكر و بقی الأمیر بمكانه فی المقر و بعد رجوعه للمعسكر صار یتعاهده بالوقوف علیه، مرتین فی الیوم ماشیا علی رجلیه، بهذا حدثنی الفقیه السید الحاج محمد بن الشریف ناظم جوهرة الرضا، و كان حاضرا للواقعة و ساكنا بالمعسكر أیضا.
قال، و یحكی أن الأمیر كان یبعث للمزاری و قدور بالمخفی حال القتال لما رأی ما وقع منهما من شدة النّزال، أن یتركا الحرب و یقدما إلیه فیقول الذاهب لهما من الحشم أن الأمیر یقول لكما تقدما للعدو و علیكما بالإقبال علیه، فلیست هذه عادتكما فی الحروب، و إنما عادتكما الاقتحام علی العدوّ إلی أن یصیر فی الهروب، و مراد الحشم بذلك الراحة منهما بالقتل، و التهنئة من رفعتهما وصولهما بالختل إلی أن سمع الشجاع النصوح خلیفة ولد محمود، مقالة الأمیر و مقالة الرّسل من الحشم لهاذین الشجاعین الفارسین حال الوفود، فتعجّب كثیرا و أخبر الأمیر بكل ما رأی و سمع، و قال لا ریب أنّ ما وقع من الحشم لهاذین البطلین فلنا معهم تحقیقا سیقع، فعند ذلك جزم الأمیر بإخراجهما من المعركة، و قال قبّح اللّه من لا یستحیی و یرید أن یلقی أخاه فی المشركة، و ما فعله هذان الشجعان فی ذلك الوقت من اقتحام الصفوف، لا یحصی و لا یقع إلّا من أجاوید العرب الذین یرون الموت علی الفراش إنما هو من حتف الأنوف، و ما ذاك إلا من شدة الخدمة و قوة النصیحة، و الإذعان التام لمن هما فی خدمته و التجنّب عن الفضیحة، و شأن أجاوید العرب و شجعانها الإذعان، و بذل الجهد و النصیحة فی الخدمة لكل دولة كانوا فی حكمها و تحت أمرها و نهیها فی السر و الإعلان.
ضحایا معركة المقیتلة فی غابة الزبوج
قال المزاري في طلوعه : و قد مات من جیش الدولة –أي الفرنسي - خمسة و عشرون نفرا و مائة و ثمانون مجروحة، و من جیش الأمیر ما لا یحصی قولة مشروحة، و من جملة أموات الدولة بمولای إسماعیل، رایس الرجیمة الثانیة من سرسور لفریق أدینوا الكرنیل ویقال أن الذی قتله من جیش الأمیر الشجاع الباسل، الفارس الكامل السید الحاج محمد بن أعوالی، و هو من أعیان الغرابة قیادة و أغواتا فلیس فی قتاله بأحد یبالی، و أصله من ذریة سیدی الناصر بن عبد الرحمان، و لذلك حاز الفضل عن الأقران، و فی عشیة ذلك الیوم وقع التبدیل، بین بن یخّو وعبد اللّه أكماندار فحصل التوصیل.
قال و بات الأمیر شرقی الوادی و النصاری غربه، و هو بینهما كالحاجز، و اشتغل النصاری من حینهم لتحصین أنفسهم فی محل النزول، لجعل المتارز، و تفرّق عن الأمیر الكثیر من جیوش القبائل، ظنا منهم بتلك الواقعة أنه لا یستقیم أمره و لا یجمع شمله كالشمایل، و لم یبق إلا فی القلیل من الناس و عسكره و هو لابث لمحلّه و مقرّه، و لو لا أنّ اللّه أیّده بقبیل الغرابة المزیل لما به من الضیم و اللّوم، لتفرق جمعه و انقطع ملكه من ذلك الیوم.ثم رجع الناس بعد المكاتبة، و صار جیشه كأنّه لم یفترق للمضاربة.
المكاتبة بین الجنرال و الأمیر :
أدرك تريزل أن الوقت ليس في صالحه أمام تزايد عدد جيش الأمير فقام من معسكره على نهر تليلات وقاد مقدمة جيشه الكولونيل أودنيو وفي المساء دخل الفرنسيون إلى حرش مولاي إسماعيل ونشبت معركة أصيب فيها أودنيو واستشهد فيها عدد من رجال الأمير وبدأ جيشه في التقهقر وكان السبب في ذلك أن فرقة الخيالة لم يكفها الوقت لحصار الجيش الفرنسي الذي واصل سيره حتى ضفة وادي سيق، ولما سمع الناس هذا وأن الأمير مازال مقيم يراقب العدو بدؤوا يعودون إليه
ويوم 27 جوان أرسل تريزل للأمير شروطه من أجل إعادة السلام معتقدا أنه كسب المعركة واشترط عله الاعتراف بالسيادة الفرنسية وتلقي الأوامر من ملك فرنسا. وفي انتظار الرد بلغه أن العرب قطعوا عليه طريقه إلى وهران فكر تريزل في أن يتجه إلى آرزيو ومن هناك عن طريق البحر إلى وهران.
قال المزاري : و فی سابع عشرین جوان حصلت المكاتبة بین الجنرال و الأمیر، علی شأن مصالح الجرحی من العسكر بالتحریر، و قد حصلت للنصاری الحیرة الكبیرة، و ضاعت للأمیر المنفعة الكثیرة، حیث تأخر عنهم عن القتال، و لو اطّلع لنال المراد بأقرب حال، و استمر الفریقان بالوادی المذكور لیلتین، و الحرب بینهما متصل و الناس فی تزاید بغیر مین.
استئناف المعركة في يوم الإثنين 28 جوان 1835/ 2 ربيع الأول 1251
ثم رحلت محلة النصاری صباحا فی الیوم الثامن و العشرین من جوان، الموافق للیوم الثانی من ربیع الأول بالتبیان،-بالضبط الصحيح يوم الإثنين 2ربيع الأول 1251- قاصدا مرسی ارزیو لقربها و یكون ذلك سببا لخلاصها من العدو و نجاتها، أحسن من رجوعها مع الزبوج البعید المسافة عن وهران المكثّر لأمواتها، فدارت المسلمون بالعدو و ركبت أكتافه، و اشتدت فتنتهم له و رامت انكفافه، و محو أثر تلك المحلّة، التی مع كثرتها صارت مع هذا القتال فی غایة القلّة، و لا زال منادی الحرب ینادی بالقتال الأبادی إلی أن ملّت القلوب و عیت النفوس و كلّت الأیادی، و قد تعاظم القتال و اشتد فی أرض حمیان، و تداولت الحملات من المسلمین علی المحلّة من كل جانب و مكان، و كان ذلك فی فصل الصیف فاشتد علی الفریقین القیظ الحار، و المحلّة ماشیة كأنها داخلة فی وسط النار لكون قدور بالمخفی تقدّم إلی المرجة فأوقدها بالنار، فكم من میت مات فی ذلك الیوم بالرصاص و النغش و كم من آخر مات بالعیاء و العطش، و أسرف جیش الأمیر فی تلك المحلّة بالقتل و الأسر و سبی الأموال، و هی مبادرة فی مشیها للبحر ناحیة المقطع بغیر الانفصال و اتفق الأمر أن الأدلة الذین یمشون بالمحلّة قد ذهلوا عن الطریق، فتركوها میسرة و مشوا میمنة إلی أن دخلوا فی المرجة فحصلت العجلات فی الوحل لفقد الطریق، و قد مسّ و قتئذ البعض من عسكر النصاری الرعب و الهول، و تضاعفت العرب و اشتد لها الصول، و هجمت علی المحلّة هجوما عنیفا، و تقدّمت لها تقدّما كثیفا، و تسارعت لها بالقتل و النهب، و شدة الطعن و الضرب و تیسّرت لها سائر الوجوه، و عظم الأمر علی ذی العقل و أحری المعتوه، و دارت طواحین المنایا علی رؤوس الرّاجلة و الفرسان و تطایرت الرؤوس بذلك عن الأبدان، و صارت القتلی من الجانبین تحت أرجل الخیل متداثرة، و زهت العرب و صارت عقولها مستنیرة متكاثرة، و قذف اللّه الخوف فی قلوب من بقی حول العجلات، ففرّوا هاربین لاحقین بمتقدم المحلّة من غیر التفات، إلی أن لحقوا بها بقصد المسالك و كانت المحلّة مفترقة علی ربوات هناك، و صارت كبراء المحلّة فی غم و لم یجدوا سبیلا للنجاة ، و كل من مات من النصاری قطعت العرب رأسه، و نهبوا المحلّة و لم یمنع من قراریطها إلا واحدة و نكس كل واحد من النصاری رأسه.
قال العلامة السید الحاج أحمد بن عبد الرحمان الصدیقی فی كتابه، و كان من الحاضرین للواقعة بغیر ارتیابه، و و اللّه إنی رأیت الحجلة تطیر یمینا و شمالا فی أرض حمیان، و لا تجد منفذا و لا مسلكا حتی تنزل فی حجر الراكب أو علی رأسه بالعیان، و الأرنب و الذئب لیجریان كذلك و لا یجدان مأوی یخلصهما من الأسر و القتل، حتی یقفان رأسا من غیر ممسك بتحقیق النقل.
قال: ثم بعد هنیئة من الزمان حصل الكلام من كبراء النصاری لبعضهم بعض فنقرت ما لهم من الطبول، و غنت ما لهم من المزامر بحنینها المقبول، و نهضت المحلّة قائمة مجتمعة علی ساق، و برزت للقتال جمیعا من غیر تراخ و لا افتراق، و امتزج فرقعة البنادق مع صوت المدافع، فكانت موقعة بوقعات التتابع، إلی أن أخذت العرب فی القهقراء و رجع كل متقدم منهم إلی الوراء، إلی أن بان للمحلّة صوب الذهاب، و فرارها إلی المحل الذی لا تصاب فیه بالعطاب و هی جهة المقطع، فعنت الربوات المتلاصقة بالمقطع، و جنحت بعد ذلك للبحر فی المحقق، و وصلت إلی ارزیو لیلا لما أعطاها اللّه من الصبر و عدم القلق، فانجرح لها بالمرجة خمسة عشر نسمة، و مات لها ما بین الزبوج و المقطع ستمائة نسمة، و مات فی ذلك الیوم من أعیان الغرابة البطل المفقود، الشجاع القاید خلیفة ولد محمود، و انجرح الشجاع الباسل قدور بالمخفی و مات فرسه الأشقر، و هو مع الأمیر من جیش آغة الحاج المزاری الأفخر، و قد صحّ فی هذه الواقعة قول الشاعر:
و كم من فرقة فی الحرب جات تركت كأنّها طعم السّباع
تركت لیوثهم فی الحرب صرعی علی الرمضاء فی تلك البقاع
قال و اكتفی الأمیر فی ذلك الیوم بالغنیمة و لم یرد لحوقهم، و لو لحقهم لفعل اللّه ما أراده فی غیبه و ترك سبوقهم. و لمّا بلغ الخبر لوهران، أتی الدوائر و الزمالة بجیش حافل من وهران و قصدوا إلی ارزیو مع الساحل، متأسفین علی عدم الحضور لتلك المعارك و المقاتل، فرجعوا فی یوم ثلاثین جوان بالخیالة و أهل المدفع و القراریط الذین وجدوهم بالمرسی مع البر لوهران، كأنهم لم یقع بهم شیء من الهوان، و أمّا الجنرال و الأعیان و باقی العسكر ركبوا فی البابور من مرسی رزیو لوهران، فشكر الجنرال ترزیل و أعیان الدولة الذین معه فعلهم، و قالوا لهم لمّا أتیتم بالمحلّة مع البر كأنّها لم یقع لها شیء، و أزلتم عنهم جهلهم، هكذا قاله بعض المؤرخین.
و قال آخر إن الجنرال ترزیل و العرب الذین معه صارت لهم معرة و ملامة كبیرة من القبرنور(الحاكم) فی التبیین، و سمی بالأعور، لأنه أصیب بعینه فی بعض الحروب فضاعت له و صار كالأخفر.
و لمّا جاء الأمر إلی الجنرال ترزیل بالدخول لفرنسا بالتصدیق، و ذلك فی ثانی عشر– جويلية - من السنة المسطورة بالتحقیق، طلب منه المخزن من الدوائر و الزمالة أن یجعل لهم بایا یكونون تحت أمره و نهیه بالحسن، لكون من علیهما الاعتماد غائبین من المخزن، و هما الحاج المزاری فإنه آغة الأمیر بالمعسكر، و عمه مصطفی بن إسماعیل فإنه بتلمسان فی حكم الأمیر أیضا بالمشتهر، فجعل لهم إبراهیم أباشناق التركی(بوشناق) بغیر المنن، لأنه كان مستقرا بمستغانم وقت ذهاب البای حسن، فذهب الجنرال ترزیل و جاء بمحلّه دارلانج جنرالا بوهران، و استقرّ بها للغزو بغایة ما كان.
و لمّا حلّ الأمیر بوادی الحمّام سمع بخروجها فجد السیر( أي أسرع) إلی أن بات بسیڨ، و لا زال لم یظهر له خبرها علی التحقیق، و صار یتحسس خروجها، و یستشعر خیالتها و مروجها.
قال العلامة القدوة الفهامة السید الحاج أحمد بن عبد الرحمان المداحی البوشیخی الصدیقی الذی من بنی شقران، فی كتابه- القول الأوسط في أخبار بعض من حل بالمغرب الأوسط. - و كان حاضرا للواقعة، ذات الأحوال الناصعة، فوجّه جیشا من صنادید القبائل و أبطالهم، و أهل الحزم فی أقوالهم و أفعالهم، أهل الخیول الجیاد، و الرّكاب الوقّاد، و أمّر علیهم وزیره و آغة مخزنه ذا النجدة و الشجاعة، و البسالة و البراعة، و الجزم و الحزم الشهیر، و الفراسة و النصیحة و المعرفة و الرأی و التدبیر، الذی لیس له بوقته الشبیه و لا المساوی، محمد المزاری ولد قدور بن إسماعیل الدایری البحثاوی، لیفتشوا سواحل البحر و أرباض المدینة، هل خرج جیش العدوّ أو لم یخرج من تلك المدینة، و واعدهم بالملاقاة فی الكرمة، و بها یحصل الفوز بالنعمة و الحرمة، و كان هذا الموضع قریبا من وهران، علی نحو الاثنی عشر میلا و غالب مجیء النصاری معه فی السر و الإعلان، فذهبوا من سیڨ عشیة و أخذوا مع طریق الجیرة، و بات هو فی تلك الليلة بالوادی المذكور بالمجیرة، بعساكره و بقیة جیشه الخیالة، ثم ارتحل من الغد بكرة یرید الجرف الأحمر بوادی تلیلات ..، و منه یذهب لملاقاة وزیره المذكور، و كان عنده من العسكر نحو الستمائة و ذلك مبلغ ما كتبه و من المطاوعة(المتطوعون) ما لیس بالمحصور، فبینما هو ذاهب و العدوّ قابل، و لا علم لواحد بالآخر للاستعداد حیث یقاتل، و إذا بالفریقین التقیا غفلة بالزبوج بموضع یقال له المقیتلة، من بلاد الغرابة فبانت به المصائب ذات الحوقلة، و اجتمع البعض بالبعض من أهل البلاد ما بین الراجلة و الفرسان، لا سیما اللیوث منهم و الشجعان و أداروا بالمحلة إدارة السوار بالساعد، أو الخاتم بالخنصر للصادر و الوارد، و أرادوا أخذها و اشتعلت فورا نار الحروب، و ترادفت علی الناس من الجانبین الفتن بالصعوبة و الكروب، و صار من الفریقین السیف بالضرب یلمع، و البندق بباروده یفرقع، و التقت الرجال بالرجال، و الأبطال بالأبطال، و الفرسان بالفرسان، و الشجعان بالشجعان، و اشتبك الناس البعض بالبعض، و أراد كل فریق القضاء لما فاته من النفل و الفرض، و اشتد الزحام و كثر الاشتباك، و غاب الحاجز بینهما و الفكاك، و حین دخلت المحلّة فی المواضیع المشعرة، أقبلت إلیها الفرسان من الفجوج المسهلة و الموعرة، و تشجعت و صالت صولا، و أتكبتها بالضرب الدائم فعلا و قولا، و وقعت من الفرقین العین فی العین، و حان فراق الأرواح بالبین، خشیت من الفرار اللوم بغیر المین، و جدّ عسكر النصاری فی المقاومة بالالتزام و المدافعة عن نفسه و من معه بغایة الاحترام و هو مع ذلك فی التعب الشدید، و العطب الذی ما له من المزید، و كَمَنَ العرب فی الأماكن المغیظة التی تؤذی منها و لا توذا، و لا یجد العدو لها فیها بضربه نفوذا، و أهلك الخلق الكثیر من الفریقین و حصل العطب الشدید من الجانبین، فكم و كم مات منهم بالتصبّر و الثبات، و كم و كم من حصل منهم بعد الهلاك فی النجاة و دام القتال إلی أن قرب ذهاب النهار، و إقبال الليل بما فیه من الاعتكار، و ثبت كل فریق لصاحبه و استقر بمركزه، إلی أن فني الجلّ من الجیشین بمحرزه، و تعاظم القتل و عدمت النجاة ، و اختلط من كثرة القتلی الأموات بالأموات، و كان للخلیفة الأعظم، و الوزیر الأنجم، صاحب الإیالة الشرقیة للتناجی، السید محمد بن أبی شاقور المجاجی، حملات علی العدو میمنة و میسرة و قلبا و جناحین، لا یأتی أحد من غیره بمثلها من غیر مین، و دام علی ذلك إلی أن استشهد بالتحقیق، كما استشهد الفارس الشجاع رایس شواش الأمیر السید مصطفی ولد سعید المعروف بولد حمروش الدنونی ثم النقایبی بالتوفیق.
قال ثم رجع الأمیر و الجیش الفرانسوی فی أثره تابعا له و كل فریق، یرید منهما النزول بوادی سیڨ فجاوزه الأمیر و نزل، و قابله العدو بجیشه و نزل، و صار الوادی بینهما هو الحاجز، و كل شجاع لقرنه مبارز.
ثم قبل النزول أتی الجیش الذی بعثه الأمیر، لما سمع رعد المدافع و فرقعة البارود خلعهم و هم فی غایة التشمیر، فألفی النصاری بقرب وادی سیڨ، الذی كاد أن یغص فیه الإنسان بالریق، و صار القتال بینه و بینهم فی فضا سیرات بقیة النهار، إلی أن غشیهم ظلام الليل بالاشتهار، فكم للمزاری فی ذلك الوقت من الحملات، و كم له من الضرب الكثیر و الجولات، و هو تارة یغیب فی وسط العدو و تارة یظهر، و مدیما علی الكرّ و لا یظهر منه المفر، و العدو بین یدیه كأنّه الزرزور، یقلبه حیث شاء، و لا یخشی من الرصاص و الكور، و ساعده علی ذلك رفیقه فی الجولان قدور بالمخفی، فكم له أیضا من ظهور و تخفّی، و لا زال المزاری علی ذلك إلی أن انجرح به فرسه الأشهب، فأوتي له بفرس آخر و بقی فی میدان الحرب یكافح إلی أن انجرح به فرسه الثانی الأنجب، فبعث له الأمیر فرسه الأدهم المسمی بباش طبلة، فجال علیه فی المیدان، جولان عظیما و تمادی علی الجولة و هو ملازم للكر، و مجانب للفر إلی أن انجرح تحته فرس الأمیر من الظهر، كما انجرح هو أیضا علیه من رجله الیمنی ذات الفخر، فأمر الأمیر فورا بقدومه، و تحیّر منه كثیرا خشیة علی عدومه، لاطلاعه یقینا علی صدقه، و خلاص نیته و قلبه فیه بحدقه، ثم أرسله فورا لبیته بالمعسكر و بقی الأمیر بمكانه فی المقر و بعد رجوعه للمعسكر صار یتعاهده بالوقوف علیه، مرتین فی الیوم ماشیا علی رجلیه، بهذا حدثنی الفقیه السید الحاج محمد بن الشریف ناظم جوهرة الرضا، و كان حاضرا للواقعة و ساكنا بالمعسكر أیضا.
قال، و یحكی أن الأمیر كان یبعث للمزاری و قدور بالمخفی حال القتال لما رأی ما وقع منهما من شدة النّزال، أن یتركا الحرب و یقدما إلیه فیقول الذاهب لهما من الحشم أن الأمیر یقول لكما تقدما للعدو و علیكما بالإقبال علیه، فلیست هذه عادتكما فی الحروب، و إنما عادتكما الاقتحام علی العدوّ إلی أن یصیر فی الهروب، و مراد الحشم بذلك الراحة منهما بالقتل، و التهنئة من رفعتهما وصولهما بالختل إلی أن سمع الشجاع النصوح خلیفة ولد محمود، مقالة الأمیر و مقالة الرّسل من الحشم لهاذین الشجاعین الفارسین حال الوفود، فتعجّب كثیرا و أخبر الأمیر بكل ما رأی و سمع، و قال لا ریب أنّ ما وقع من الحشم لهاذین البطلین فلنا معهم تحقیقا سیقع، فعند ذلك جزم الأمیر بإخراجهما من المعركة، و قال قبّح اللّه من لا یستحیی و یرید أن یلقی أخاه فی المشركة، و ما فعله هذان الشجعان فی ذلك الوقت من اقتحام الصفوف، لا یحصی و لا یقع إلّا من أجاوید العرب الذین یرون الموت علی الفراش إنما هو من حتف الأنوف، و ما ذاك إلا من شدة الخدمة و قوة النصیحة، و الإذعان التام لمن هما فی خدمته و التجنّب عن الفضیحة، و شأن أجاوید العرب و شجعانها الإذعان، و بذل الجهد و النصیحة فی الخدمة لكل دولة كانوا فی حكمها و تحت أمرها و نهیها فی السر و الإعلان.
ضحایا معركة المقیتلة فی غابة الزبوج
قال المزاري في طلوعه : و قد مات من جیش الدولة –أي الفرنسي - خمسة و عشرون نفرا و مائة و ثمانون مجروحة، و من جیش الأمیر ما لا یحصی قولة مشروحة، و من جملة أموات الدولة بمولای إسماعیل، رایس الرجیمة الثانیة من سرسور لفریق أدینوا الكرنیل ویقال أن الذی قتله من جیش الأمیر الشجاع الباسل، الفارس الكامل السید الحاج محمد بن أعوالی، و هو من أعیان الغرابة قیادة و أغواتا فلیس فی قتاله بأحد یبالی، و أصله من ذریة سیدی الناصر بن عبد الرحمان، و لذلك حاز الفضل عن الأقران، و فی عشیة ذلك الیوم وقع التبدیل، بین بن یخّو وعبد اللّه أكماندار فحصل التوصیل.
قال و بات الأمیر شرقی الوادی و النصاری غربه، و هو بینهما كالحاجز، و اشتغل النصاری من حینهم لتحصین أنفسهم فی محل النزول، لجعل المتارز، و تفرّق عن الأمیر الكثیر من جیوش القبائل، ظنا منهم بتلك الواقعة أنه لا یستقیم أمره و لا یجمع شمله كالشمایل، و لم یبق إلا فی القلیل من الناس و عسكره و هو لابث لمحلّه و مقرّه، و لو لا أنّ اللّه أیّده بقبیل الغرابة المزیل لما به من الضیم و اللّوم، لتفرق جمعه و انقطع ملكه من ذلك الیوم.ثم رجع الناس بعد المكاتبة، و صار جیشه كأنّه لم یفترق للمضاربة.
المكاتبة بین الجنرال و الأمیر :
أدرك تريزل أن الوقت ليس في صالحه أمام تزايد عدد جيش الأمير فقام من معسكره على نهر تليلات وقاد مقدمة جيشه الكولونيل أودنيو وفي المساء دخل الفرنسيون إلى حرش مولاي إسماعيل ونشبت معركة أصيب فيها أودنيو واستشهد فيها عدد من رجال الأمير وبدأ جيشه في التقهقر وكان السبب في ذلك أن فرقة الخيالة لم يكفها الوقت لحصار الجيش الفرنسي الذي واصل سيره حتى ضفة وادي سيق، ولما سمع الناس هذا وأن الأمير مازال مقيم يراقب العدو بدؤوا يعودون إليه
ويوم 27 جوان أرسل تريزل للأمير شروطه من أجل إعادة السلام معتقدا أنه كسب المعركة واشترط عله الاعتراف بالسيادة الفرنسية وتلقي الأوامر من ملك فرنسا. وفي انتظار الرد بلغه أن العرب قطعوا عليه طريقه إلى وهران فكر تريزل في أن يتجه إلى آرزيو ومن هناك عن طريق البحر إلى وهران.
قال المزاري : و فی سابع عشرین جوان حصلت المكاتبة بین الجنرال و الأمیر، علی شأن مصالح الجرحی من العسكر بالتحریر، و قد حصلت للنصاری الحیرة الكبیرة، و ضاعت للأمیر المنفعة الكثیرة، حیث تأخر عنهم عن القتال، و لو اطّلع لنال المراد بأقرب حال، و استمر الفریقان بالوادی المذكور لیلتین، و الحرب بینهما متصل و الناس فی تزاید بغیر مین.
استئناف المعركة في يوم الإثنين 28 جوان 1835/ 2 ربيع الأول 1251
ثم رحلت محلة النصاری صباحا فی الیوم الثامن و العشرین من جوان، الموافق للیوم الثانی من ربیع الأول بالتبیان،-بالضبط الصحيح يوم الإثنين 2ربيع الأول 1251- قاصدا مرسی ارزیو لقربها و یكون ذلك سببا لخلاصها من العدو و نجاتها، أحسن من رجوعها مع الزبوج البعید المسافة عن وهران المكثّر لأمواتها، فدارت المسلمون بالعدو و ركبت أكتافه، و اشتدت فتنتهم له و رامت انكفافه، و محو أثر تلك المحلّة، التی مع كثرتها صارت مع هذا القتال فی غایة القلّة، و لا زال منادی الحرب ینادی بالقتال الأبادی إلی أن ملّت القلوب و عیت النفوس و كلّت الأیادی، و قد تعاظم القتال و اشتد فی أرض حمیان، و تداولت الحملات من المسلمین علی المحلّة من كل جانب و مكان، و كان ذلك فی فصل الصیف فاشتد علی الفریقین القیظ الحار، و المحلّة ماشیة كأنها داخلة فی وسط النار لكون قدور بالمخفی تقدّم إلی المرجة فأوقدها بالنار، فكم من میت مات فی ذلك الیوم بالرصاص و النغش و كم من آخر مات بالعیاء و العطش، و أسرف جیش الأمیر فی تلك المحلّة بالقتل و الأسر و سبی الأموال، و هی مبادرة فی مشیها للبحر ناحیة المقطع بغیر الانفصال و اتفق الأمر أن الأدلة الذین یمشون بالمحلّة قد ذهلوا عن الطریق، فتركوها میسرة و مشوا میمنة إلی أن دخلوا فی المرجة فحصلت العجلات فی الوحل لفقد الطریق، و قد مسّ و قتئذ البعض من عسكر النصاری الرعب و الهول، و تضاعفت العرب و اشتد لها الصول، و هجمت علی المحلّة هجوما عنیفا، و تقدّمت لها تقدّما كثیفا، و تسارعت لها بالقتل و النهب، و شدة الطعن و الضرب و تیسّرت لها سائر الوجوه، و عظم الأمر علی ذی العقل و أحری المعتوه، و دارت طواحین المنایا علی رؤوس الرّاجلة و الفرسان و تطایرت الرؤوس بذلك عن الأبدان، و صارت القتلی من الجانبین تحت أرجل الخیل متداثرة، و زهت العرب و صارت عقولها مستنیرة متكاثرة، و قذف اللّه الخوف فی قلوب من بقی حول العجلات، ففرّوا هاربین لاحقین بمتقدم المحلّة من غیر التفات، إلی أن لحقوا بها بقصد المسالك و كانت المحلّة مفترقة علی ربوات هناك، و صارت كبراء المحلّة فی غم و لم یجدوا سبیلا للنجاة ، و كل من مات من النصاری قطعت العرب رأسه، و نهبوا المحلّة و لم یمنع من قراریطها إلا واحدة و نكس كل واحد من النصاری رأسه.
قال العلامة السید الحاج أحمد بن عبد الرحمان الصدیقی فی كتابه، و كان من الحاضرین للواقعة بغیر ارتیابه، و و اللّه إنی رأیت الحجلة تطیر یمینا و شمالا فی أرض حمیان، و لا تجد منفذا و لا مسلكا حتی تنزل فی حجر الراكب أو علی رأسه بالعیان، و الأرنب و الذئب لیجریان كذلك و لا یجدان مأوی یخلصهما من الأسر و القتل، حتی یقفان رأسا من غیر ممسك بتحقیق النقل.
قال: ثم بعد هنیئة من الزمان حصل الكلام من كبراء النصاری لبعضهم بعض فنقرت ما لهم من الطبول، و غنت ما لهم من المزامر بحنینها المقبول، و نهضت المحلّة قائمة مجتمعة علی ساق، و برزت للقتال جمیعا من غیر تراخ و لا افتراق، و امتزج فرقعة البنادق مع صوت المدافع، فكانت موقعة بوقعات التتابع، إلی أن أخذت العرب فی القهقراء و رجع كل متقدم منهم إلی الوراء، إلی أن بان للمحلّة صوب الذهاب، و فرارها إلی المحل الذی لا تصاب فیه بالعطاب و هی جهة المقطع، فعنت الربوات المتلاصقة بالمقطع، و جنحت بعد ذلك للبحر فی المحقق، و وصلت إلی ارزیو لیلا لما أعطاها اللّه من الصبر و عدم القلق، فانجرح لها بالمرجة خمسة عشر نسمة، و مات لها ما بین الزبوج و المقطع ستمائة نسمة، و مات فی ذلك الیوم من أعیان الغرابة البطل المفقود، الشجاع القاید خلیفة ولد محمود، و انجرح الشجاع الباسل قدور بالمخفی و مات فرسه الأشقر، و هو مع الأمیر من جیش آغة الحاج المزاری الأفخر، و قد صحّ فی هذه الواقعة قول الشاعر:
و كم من فرقة فی الحرب جات تركت كأنّها طعم السّباع
تركت لیوثهم فی الحرب صرعی علی الرمضاء فی تلك البقاع
قال و اكتفی الأمیر فی ذلك الیوم بالغنیمة و لم یرد لحوقهم، و لو لحقهم لفعل اللّه ما أراده فی غیبه و ترك سبوقهم. و لمّا بلغ الخبر لوهران، أتی الدوائر و الزمالة بجیش حافل من وهران و قصدوا إلی ارزیو مع الساحل، متأسفین علی عدم الحضور لتلك المعارك و المقاتل، فرجعوا فی یوم ثلاثین جوان بالخیالة و أهل المدفع و القراریط الذین وجدوهم بالمرسی مع البر لوهران، كأنهم لم یقع بهم شیء من الهوان، و أمّا الجنرال و الأعیان و باقی العسكر ركبوا فی البابور من مرسی رزیو لوهران، فشكر الجنرال ترزیل و أعیان الدولة الذین معه فعلهم، و قالوا لهم لمّا أتیتم بالمحلّة مع البر كأنّها لم یقع لها شیء، و أزلتم عنهم جهلهم، هكذا قاله بعض المؤرخین.
و قال آخر إن الجنرال ترزیل و العرب الذین معه صارت لهم معرة و ملامة كبیرة من القبرنور(الحاكم) فی التبیین، و سمی بالأعور، لأنه أصیب بعینه فی بعض الحروب فضاعت له و صار كالأخفر.
و لمّا جاء الأمر إلی الجنرال ترزیل بالدخول لفرنسا بالتصدیق، و ذلك فی ثانی عشر– جويلية - من السنة المسطورة بالتحقیق، طلب منه المخزن من الدوائر و الزمالة أن یجعل لهم بایا یكونون تحت أمره و نهیه بالحسن، لكون من علیهما الاعتماد غائبین من المخزن، و هما الحاج المزاری فإنه آغة الأمیر بالمعسكر، و عمه مصطفی بن إسماعیل فإنه بتلمسان فی حكم الأمیر أیضا بالمشتهر، فجعل لهم إبراهیم أباشناق التركی(بوشناق) بغیر المنن، لأنه كان مستقرا بمستغانم وقت ذهاب البای حسن، فذهب الجنرال ترزیل و جاء بمحلّه دارلانج جنرالا بوهران، و استقرّ بها للغزو بغایة ما كان.
موقف الفرنسيين من معركة المقطع :
ويعتبرها الفرنسيون من أكبر الهزائم أثناء حملات احتلال الجزائر الأولى و أدت إلى الاعتراف بالأمير عبد القادر كقائد عسكري و بدولته في الجزائر و يعيدون الهزيمة لأخطاء تكتيكية و أدى بالجنرال لإعادة تنظيم القوات الرابضة في الجزائر ، وقد اعترف الدكتور أوهلمان - Uhlman - المستشار العام لمدينة معسكر بهذه الهزيمة النكراء التي مني بها الجيش الفرنسي بقوله : بمساعدتنا ودعمنا، فإن عبد القادر نسق ونظم جيشه النظامي، وقضى على رؤوس المتمردين من قبيلتي الدواير والزمالة ، ووجه قوته ضدنا تلك القوة التي كنا قد أعطيناه له ؟ وبدأت الأعمال العدائية التي انتهت في 28يونيو 1835 في معركة شنيعة و التي كانت واحدة من أكثر الأحداث المؤلمة في حروبنا في أفريقيا ، وهذا النص الفرنسي كما جاء عند لويس أبادي في mascara une certaine capitale :
Le docteur Uhlman, conseiller général de Mascara, écrit par ailleurs: « Ainsi lorsque avec notre aide et appui, Abd el Kader eût organisé son armée de réguliers, brisé la résistance des chefs rivau, battu les Douairs et les Smelas, -'il tourna contre nous la force que nous lui avions donnée et recommença les hostilités qui se terminent le 28 juin 1835 par le malheureux combat de la Macta qui fut un des plus douloureux épisodes de notre guerre d'Afrique.
لتترك معركة المقطع بصمة شرف في مسيرة معارك الأمير، إذ تعتبر من أشهر المعارك الضارية التي خاضها الأمير وعمره 26 سنة فقط، إذ يقوم بخطط عسكرية يحبكها واستراتيجيات حربية متجددة في كل معركة. وقد واجه الأمير الجزائري عدة جنرالات كالجنرال كومت والذي تم تعويضه بالمرشال كلوزال. كل هذه الأسماء من الجنرالات الفرنسية التي وقفت في وجه الأمير أثبتت الهزائم النكراء التي تعرض لها الفرنسيون على يد عبد القادر الجزائري في معركة »غابة أزبوج« التابعة لغابة مولاي إسماعيل والتي أحصت فيها 500 قتيل في صفوف الجيش الفرنسي.فالأمير عبد القادر الرمز والعلم الشاب الذي كان يدير الحروب، وقف في وجه الإستعمار ويعتبر تاريخ 28 جوان 1835 في مسيرة الأمير الثورية نقطة انطلاق مرحلة طويلة في مسيرة الشعب الجزائري واصل الطريق إلى الحرية والإستقلال وذلك بعزيمة وإرادة فولاذية وما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة وبهذا دخل الأمير عبد القادر في ذاكرة الثورة ونقش اسمه بحروف من ذهب ليحمل من بعده المشعل عدة أسماء بارزة ضحت بالنفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر حرّة مستقلة ليمضي الإستقلال بعد 132 سنة من الإستعمار بدماء مليون ونصف المليون شهيد.
حاليا: يحتفل في الجزائر سنويا بمعركة المقطع بكونها المعركة التي برهنت على إمكانية هزم المستعمر الفرنسي و أن هذا الجيش ليس بأسطورة لا تقهر، تم إحياء الذكرى 76 بعد المئة لمعركة المقطع بذات المنطقة الواقعة بحدود مدينة مستغانم المصادفة ل 28 من جوان من كل سنة حيث قررت مؤسسة الأمير عبد القادر لولاية وهران إحياءها والتذكير ببطولات الأمير الشاب عبد القادر بن محي الدين الحسيني ضد الإستعمار الغاشم وتعتبر معركة المقطع واحدة من المعارك التي حقق فيها الأمير انتصارا عظيما ضد الجنرال »الأعور تريزال«. حيث خلال 17 سنة قاد الأمير عبد القادر 116 معركة بجيش يتكون من أكثر من 140 جندي و5 أمراء بالإضافة إلى 16 رئيس حرب.
هذه هي معركة المقطع الخالدة التي انتصر فيها الامير و كانت في الحقيقة نقطة الانطلاق في مقاومته اما بالجزائر العاصمة اوت 1835 خطب كلوزي في جيوشه الجرارة التي كانت تعاني من انهيار معنوي كبير بعد المعركة قائلا : لقد عزمنا على الانتقام من عبد القادر لانه انتصر على تريزيل و كبده من الخسائر ما لا يعمله الا الله ..لن نرتاح حتى نكيل له بالمثل
نتائج المعركة :
وكان من نتائجا اهتزت فرنسا برمتها حينما وصلتها اخبار معركة المقطع و هكذا اقيل الجينرال ايرلون ليأتي مكانه الجينرال كلوزيل كحاكم عام في شهر جويلية 1835 و استبدل الجينرال ترزيل بالجينرال دارنلاج على وهران.. و هذا ان دل على شيئ فاانما يدل الى مدرى ارتباك الحكومة الفرنسية و تخبط حربية باريس في الانهزامات كانت خسائر القوات الفرنسية هائلة جدا ..يقر ضابط بفداحة خسائرهم : أنا من كبراء العسكر كان تحتي 1800 جندي بقي منهم 18 فقط ! انضمت في المقاومة في متيجة بقيادة الحاج ابن زعموم و الحاج محي الدين بن مبارك الى الامير عبد القادر و اعترفت به كزعيم للجهاد انخفضت الأصوات المناوئة للامير عبد القادر في الغرب الجزائري كما بايعته قبائل اخرى كانت تشك في قدرته على قيادة المقاومة سابقا .
ويعتبرها الفرنسيون من أكبر الهزائم أثناء حملات احتلال الجزائر الأولى و أدت إلى الاعتراف بالأمير عبد القادر كقائد عسكري و بدولته في الجزائر و يعيدون الهزيمة لأخطاء تكتيكية و أدى بالجنرال لإعادة تنظيم القوات الرابضة في الجزائر ، وقد اعترف الدكتور أوهلمان - Uhlman - المستشار العام لمدينة معسكر بهذه الهزيمة النكراء التي مني بها الجيش الفرنسي بقوله : بمساعدتنا ودعمنا، فإن عبد القادر نسق ونظم جيشه النظامي، وقضى على رؤوس المتمردين من قبيلتي الدواير والزمالة ، ووجه قوته ضدنا تلك القوة التي كنا قد أعطيناه له ؟ وبدأت الأعمال العدائية التي انتهت في 28يونيو 1835 في معركة شنيعة و التي كانت واحدة من أكثر الأحداث المؤلمة في حروبنا في أفريقيا ، وهذا النص الفرنسي كما جاء عند لويس أبادي في mascara une certaine capitale :
Le docteur Uhlman, conseiller général de Mascara, écrit par ailleurs: « Ainsi lorsque avec notre aide et appui, Abd el Kader eût organisé son armée de réguliers, brisé la résistance des chefs rivau, battu les Douairs et les Smelas, -'il tourna contre nous la force que nous lui avions donnée et recommença les hostilités qui se terminent le 28 juin 1835 par le malheureux combat de la Macta qui fut un des plus douloureux épisodes de notre guerre d'Afrique.
لتترك معركة المقطع بصمة شرف في مسيرة معارك الأمير، إذ تعتبر من أشهر المعارك الضارية التي خاضها الأمير وعمره 26 سنة فقط، إذ يقوم بخطط عسكرية يحبكها واستراتيجيات حربية متجددة في كل معركة. وقد واجه الأمير الجزائري عدة جنرالات كالجنرال كومت والذي تم تعويضه بالمرشال كلوزال. كل هذه الأسماء من الجنرالات الفرنسية التي وقفت في وجه الأمير أثبتت الهزائم النكراء التي تعرض لها الفرنسيون على يد عبد القادر الجزائري في معركة »غابة أزبوج« التابعة لغابة مولاي إسماعيل والتي أحصت فيها 500 قتيل في صفوف الجيش الفرنسي.فالأمير عبد القادر الرمز والعلم الشاب الذي كان يدير الحروب، وقف في وجه الإستعمار ويعتبر تاريخ 28 جوان 1835 في مسيرة الأمير الثورية نقطة انطلاق مرحلة طويلة في مسيرة الشعب الجزائري واصل الطريق إلى الحرية والإستقلال وذلك بعزيمة وإرادة فولاذية وما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة وبهذا دخل الأمير عبد القادر في ذاكرة الثورة ونقش اسمه بحروف من ذهب ليحمل من بعده المشعل عدة أسماء بارزة ضحت بالنفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر حرّة مستقلة ليمضي الإستقلال بعد 132 سنة من الإستعمار بدماء مليون ونصف المليون شهيد.
حاليا: يحتفل في الجزائر سنويا بمعركة المقطع بكونها المعركة التي برهنت على إمكانية هزم المستعمر الفرنسي و أن هذا الجيش ليس بأسطورة لا تقهر، تم إحياء الذكرى 76 بعد المئة لمعركة المقطع بذات المنطقة الواقعة بحدود مدينة مستغانم المصادفة ل 28 من جوان من كل سنة حيث قررت مؤسسة الأمير عبد القادر لولاية وهران إحياءها والتذكير ببطولات الأمير الشاب عبد القادر بن محي الدين الحسيني ضد الإستعمار الغاشم وتعتبر معركة المقطع واحدة من المعارك التي حقق فيها الأمير انتصارا عظيما ضد الجنرال »الأعور تريزال«. حيث خلال 17 سنة قاد الأمير عبد القادر 116 معركة بجيش يتكون من أكثر من 140 جندي و5 أمراء بالإضافة إلى 16 رئيس حرب.
هذه هي معركة المقطع الخالدة التي انتصر فيها الامير و كانت في الحقيقة نقطة الانطلاق في مقاومته اما بالجزائر العاصمة اوت 1835 خطب كلوزي في جيوشه الجرارة التي كانت تعاني من انهيار معنوي كبير بعد المعركة قائلا : لقد عزمنا على الانتقام من عبد القادر لانه انتصر على تريزيل و كبده من الخسائر ما لا يعمله الا الله ..لن نرتاح حتى نكيل له بالمثل
نتائج المعركة :
وكان من نتائجا اهتزت فرنسا برمتها حينما وصلتها اخبار معركة المقطع و هكذا اقيل الجينرال ايرلون ليأتي مكانه الجينرال كلوزيل كحاكم عام في شهر جويلية 1835 و استبدل الجينرال ترزيل بالجينرال دارنلاج على وهران.. و هذا ان دل على شيئ فاانما يدل الى مدرى ارتباك الحكومة الفرنسية و تخبط حربية باريس في الانهزامات كانت خسائر القوات الفرنسية هائلة جدا ..يقر ضابط بفداحة خسائرهم : أنا من كبراء العسكر كان تحتي 1800 جندي بقي منهم 18 فقط ! انضمت في المقاومة في متيجة بقيادة الحاج ابن زعموم و الحاج محي الدين بن مبارك الى الامير عبد القادر و اعترفت به كزعيم للجهاد انخفضت الأصوات المناوئة للامير عبد القادر في الغرب الجزائري كما بايعته قبائل اخرى كانت تشك في قدرته على قيادة المقاومة سابقا .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire